الفكر الإسلامي

يا مسلمون ... عودوا إلى الإسلام

بقلم:  الدكتور محمد محمد الشريف

 

 

 

        الإسلام هو دين الله جل وعلا الذي ارتضاه للعالمين وبه تمام النعمة وكمالها ودوامها قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً [المائدة/3] ولئن قلنا: إن أعظم نعمة أنعم الله بها على الناس، وأعظم نعمة تستوجب منا الشكر والتقدير والعرفان والمحافظة عليها: هي الإسلام، لكنا قد أصبنا عين الحقيقة.

     قال تعالى: ﴿إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ [الزمر/7] ومن أجل ذلك أمرنا بالمحافظة على هذه النعمة وصيانتها قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ* وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْءٰايٰتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [آل عمران/102-103]

     ومن حافظ على هذه النعمة تولى الله جزاءه ومكافأته وأعظم له العطاء ﴿وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ [آل عمران/144] ومن جاء بغير هذا الدين ضل سعيه وحبط عمله وخسر الخسارة الكبرى مهما بدا لنا منه من الخير والبر وحسن المعاملة وكريم الخلق قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ[آل عمران/85] وقـد يكافئه الله على هذا في الدنيا بكثرة المال، والولد، أو بالصحة، أو بالرفعة في الدنيا، وأما الآخرة فليس له فيها من نصيب.

     وقد شرع لنا هذا الدين رب العالمين العليم بخلقه الذي يعلم ما يسعدهم وما يشقيهم وما يصلح لهم وما لا يصلح، العليم بكل ما تحتاجون إليه وما لا يحتاجون إليه، وهو الحكيم الذي يحكم بالحق ويشرع لهم كل خير، وهو الرحمن الرحيم الذي وسعت رحمته كل شيء، وبعث رسله رحمة للناس وكان خاتمهم محمدًا –صلى الله عليه وسلم- رحمةً للعالمين.

     قال تعالى: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ[البقرة/216] وقال تعالى: ﴿وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْـمُصْلِحِ[البقرة/220] وقال تعالى: ﴿وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ* أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك/14].

     وقد أمر الإنسان البالغ بأنواع من العبادات كفيلة بأن تحفظ إيمانه وتزيده رسوخًا وثباتًا، وتملأ قلبه صلةً بالله وحبًا له وإقبالًا عليه، وتملأ قلبه حبًا لرسول الله واتباعًا له واقتداءً بسنته، وتملأ قلبه كذلك حبًا لعباد الله الصالحين، وتنشئ الصلة الطيبة والرابطة القوية بينه وبينهم: وأهم ما أمر به إقامة الصلاة وإخلاصها لله تعالى كل يوم خمس مرات موزعة على أول النهار وأوسطه وقبل غروب الشمس ومن أول الليل عند غروب الشمس وعند حلول الظلام وانتشار الليل حيث ينتهي الناس من يومه ويذهب إلى فراشه. وندب الإنسان إلى أنواع أخرى من الصلاة المسنونة: كالسنن التابعة للفريضة المسماة بالرواتب، وصلاة الضحى، وصلاة الوتر، وصلاة الليل، والصلوات التي تقتضيها الحاجة كصلاة الاستسقاء، والكسوف والحاجة، والاستخارة، وصلاة العيدين التي تجمع كل أبناء البلد في صعيد واحد حيث يكون التواد والتعاون على البر والتقوى وإكرام الفقراء والمساكين.

     ولا يخفى علينا الآثار الكريمة والنتائج الطيبة التي تترتب على إحسان صوم رمضان، وعلى إيتاء الزكاة وعلى حج بيت الله الحرام وغير ذلك من العبادات المتنوعة.

     وقد اهتم الإسلام كذلك بالنواحي الأخلاقية والنواحي الاجتماعية والمعاملات التجارية والشؤون الاقتصادية والسياسية. ولم يترك الإسلام أمرا يحتاجه الناس إلا بينه لهم وحثهم عليه وعرفهم به، ولم يترك شرا يضر الفرد والمجتمع إلا نبههم عليه وحذرهم منه، وذلك ليعيش الإنسان سعيدًا في نفسه وأسرته ومجتمعه وأمته، وحتى يكون آمنا على نفسه ودينه وعرضه وماله وأهله وولده، قال تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صٰلِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَوٰةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ[النحل/97]، وقال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ [الأنعام/82].

     وقال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَـٰتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ[الأعراف/96]، وقال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَٰﺔَ وَالأِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ [المائدة/66] وقال تعالى: ﴿وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ [هود/52]، وقال تعالى: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً، يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً [نوح/10-12].

     إنه بحق دين الإصلاح الشامل، ودين التربية الكاملة، وهو مع ذلك دين الرحمة والرفق واليسر ﴿يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة/185]، ﴿يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفاً [النساء/28]، ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج [الحج/78].

     وإذا تحقق للمسلمين حقيقة التمسك بدينهم ساد بينهم الحب والإخاء والسلام، وصاروا على قلب رجل واحد، وحسنت صلتهم بالله تعالى فكان الله وليهم يوفقهم ويسدد خطاهم، وصاروا قوة يحسب العالم لها حسابا، يقدرها الأصدقاء، ويهابها الأعداء. قال الله تعالى: ﴿وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [آل عمران/139]، وقال تعالى: ﴿وَلله الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ [المنافقون/8]، وقال تعالى: ﴿إِنْ تَنْصُرُوا الله يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ [محمد/7]. وما نَصْرُ الله إلا نَصْرُ دينه والتمسك بكتابه، والحفاظ على شريعته وإحياء سنة رسوله –صلى الله عليه وسلم-، والدعوة إلى الله على بصيرة والجهاد في سبيله لإعلاء كلمته، والدفاع عن المستضعفين من المسلمين. ولا يتحقق نصر الله تعالى لمجرد الانتساب إلى الإسلام؛ بل لابد من حقيقة إقامة الدين والعمل به وتحكيمه وهيمنته على كل شيء؛ لتكون كلمة الله هي العليا.

     وهذه هي أسباب تحقق النصر من عند الله تعالى، قال الله تعالى: ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ* الذِينَ إِنْ مَكَّنَّـٰهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلوٰةَ وَآتَوُا الزَّكَوٰةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْـمُنْكَرِ وَللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ [الحج/41].

     ولو قلبنا صفحات التاريخ لتبينت لنا هذه الحقائق كاملة غير منقوصة. ولا يخفى على أحد حال الناس عموما والعرب خصوصا قبل الإسلام. وكيف كان الفساد والظلم والظلمات وكيف كان الضعف والتفرق والضياع وكيف تمكن منهم غيرهم إلى أن جاء الإسلام ودخلوا في دين الله، وتمسكوا بهذا الدين وحرصوا عليه، وأحبوه حبا يفوق حبهم لأنفسهم وأولادهم وأهليهم وأموالهم. فغير الله حالهم إلى أحسن حال، وساد بينهم الحب والإخاء والعدل والأمن والسلام، وبسط الله لهم الرزق، وصاروا قوة يرهبها عدو الله وعدوهم، ومكن الله لهم في الأرض، وجاهدوا لإعلاء كلمة الله، فانهزمت أمامهم قوة الفرس والروم رغم قلة المسلمين وقلة أسلحتهم؛ لكنهم رغم قلتهم وقلة أسلحتهم كان معهم السلاح الحاسم الذي لا ينكسر أبدا هو سلاح الإيمان بالله، والاعتماد عليه، والانتصار لدينه وإعلاء كلمته. فلم يقف أمام ذلك السلاح قوة سلاح عدوهم المادي وكثرة أعدادهم ... ولم يقف الأمر بالمسلمين عند هذا الحد؛ بل نشروا في هذه الأمم دين الله تعالى، وأقبل الناس على دين الله ونشروا بين الناس العدل والإنصاف والمساواة والرحمة والإحسان.. ولقد مكن الله للمسلمين في الأرض، وعلموا الدنيا الحضارة الإسلامية المجيدة التي أنقذت الإنسانية من ظلمات الجهل والأباطيل وعبادة غير الله، وهدتهم إلى نور العلم والحقائق والتوحيد، وكشفوا للناس عن حقائق العلوم الحديثة، وسخروا هذه العلوم ومكتشفاتهم في سبيل الحق والخير، هذا في الوقت الذي كانت فيه أوروبا تخبط في ظلمات بعضها فوق بعض، ظلمات العصور الوسطى. ولم تنج أوروبا من هذه الظلمات إلا عندما اتجهت إلى المسلمين تستنير بما عندهم من معارف وتهتدي بما لديهم من علوم واكتشافات. ولذلك يعترف المنصفون منهم أن أوروبا مدينة في تقدمها العلمي للمسلمين.

     هذا قليل من معطيات هذا الدين الحنيف، وقليل من نتائجه البارزة التي ظهرت على أيدي المسلمين الصادقين. ثم خلف من بعد هؤلاء خلف أضاعوا هذا الدين واتبعوا الأهواء والشهوات، وأقبلوا على الدنيا وتركوا أمر الآخرة وراءهم ظهريا. وغلب هذا على الكثير إلا الذين داموا على حبهم للدين وتمسكهم به، وقليل ما هم. فتغير حال المسلمين وانتشر بينهم التنافس على الدنيا والحرص على شهواتها، فكان التنازع والاختلاف والشقاق والخصام والعداء، وتقطعت ذات البين، وظهر الخوف، وضاع الأمن، وضرب الله قلوب الناس بعضهم ببعض، وتفرق المسلمون شيعًا وأحزابًا كل حزب بما لديهم فرحون. وكان الضعف الشديد الذي تمكن منهم، واستطاع الكافرون أن يستغلوا هذا الضعف لمصلحتهم، وتمكنوا من أرض المسلمين وثرواتهم، وتحكموا في رقابهم. وصار حال المسلمين على ما نرى الآن. فهم مستضعفون ومضطهدون ومعذبون في كثير من البلاد حتى في البلاد ذات الكثرة المسلمة، وما حال المسلمين في لبنان، وفلسطين، وأفغانستان، والفليبين، والاتحاد السوفيتي والدول التي تدور في فلكه، ما حال هؤلاء وغيرهم عنا ببعيد. والسبب الحقيقي وراء ذلك كله هو ضعف المسلمين عمومًا لإضاعتهم للدين وإقبالهم على الدنيا وشهواتها.

     ولا يصلح حال المسلمين اليوم إلا بما صلح به حالهم بالأمس. إنهم لم تصلحهم الدنيا ولا شهواتها، ولكن أصلحهم هذا الدين. فإذا أراد المسلمون أن يتغير حالهم إلى أحسن حال، وإذا أرادوا أن يعودوا إلى سابق عزهم ومجدهم وسعادتهم فالطريق واضح أمامهم ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ [الأنعام/153] ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء/9] ﴿اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ [الأعراف/3].

     فالعودة إلى دين الله الحكيم وشرعه القويم وصراطه المستقيم، كفيلة بأن تصلح الحال والمآل. ولا يصلح حال أحد ولن يصلح إلا بمراعاة شرع الله وتحكيم كتابه الكريم واتباع السنة الرشيدة المطهرة. وعلى كل فرد مسلم أن يبدأ بنفسه، وما الأمة المسلمة إلا مجموع أفراد إذا صلحوا صلحت. وعلى حكام المسلمين وولاة أمورهم من ملوك ورؤساء وأمراء على هؤلاء يقع العبء الأكبر والمسؤولية الأولى؛ لأن الله سبحانه قد ملكهم زمام الأمر ووضع بين أيديهم مقاليد البلاد، يسمع لهم ويطاع، وتنفذ رغباتهم بمجرد الإشارة.

     هذا وقد بدت تباشير صحوة المسلمين وتيقظهم بالعودة إلى دينهم، وفي ذلك الخير الكثير. وقد تعالى النداء من كل مكان بضرورة العودة إلى هذا الدين الحنيف وتطبيق شرائعه، ورائد ذلك في العصر الحديث هو المملكة العربية السعودية على يد مؤسسها الأول الملك عبد العزيز طيب الله ثراه وعلى أيدي أبنائه من بعده. ويكفينا أن نعلم أن الملك عبد العزيز - رحمه الله- وجد من العرب أشتاتا متفرقين متناحرين فجمعهم على كلمة الحق ورفع لواء التوحيد واستطاع بعون الله أن ينشئ دولة المملكة العربية السعودية، وأعلن أنها قائمة على دين الله وشرعه، متمسكة بكتاب الله وسنة نبيه الكريم وصدق قوله فصدقه الله. وبعد أن كانت قليلة الموارد والثروات، قليلة المال، ضيقة ذات اليد، إذا بالخير يتوالى عليها، ويكثر حتى تصبح أغنى دولة في العالم، وهي بحمد الله تستغل ذلك الخير لخدمة الدين ونشره والدعوة إليه وخدمة المسلمين في كل مكان.. وبعد أن كانت تعاني من الخوف وضياع الأمن، إذا بالأمن يرفرف على ربوعها ويشمل كل أنحائها، وصار الإنسان لا يخاف من أحد إلا الله، والذئب على غنمه فأطعم الله أهل هذه البلاد من جوع وآمنهم من خوف. وما ذلك إلا بفضل الله أولًا ثم بإقامة شرع الله وتطبيق أحكامه وحدوده ثانيًا. وقد ضربنا المثل بالمملكة العربية السعودية لأنها والحمد لله مازالت تنادي بأن شرفها وفخرها وعزها في تطبيق شرع الله، ومازالت ترعى هذا الدين وتبذل في سبيله الجهد والمال وتقرن هذا القول بالعمل، ومن ثم كانت أول دولة تحكم بالإسلام، وأول دولة يشعر فيها الجميع بالأمن التام، والطمأنينة الكاملة، وإن الجنود والسلاح والقوانين الأجنبية لا تحقق من ذلك شيئا مذكورا، وفي ذلك القدوة الحسنة لمن أراد أن يقتدي، وأسأل الله أن يعز الإسلام والمسلمين، ويوفق الجميع لما يحبه ويرضاه.

*  *  *

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، رمضان - شوال 1436 هـ = يونيو – أغسطس 2015م ، العدد : 9-10 ، السنة : 39